كيف أدارت بنت بهيت نقطتها الصحفية

أربعاء, 2025/10/29 - 6:24ص

في ليلة من ليالي ازويرات المفعمة بالانتظار، جلست آمنة بنت بهيت على سريرها الطبي أمام جمع من مناصريها، في منزل تملؤه مشاعر التعاطف والإصرار. رجال ونساء من حاضنتها الاجتماعية جاؤوا يحيطون بها كالسوار حول المعصم، يهتفون باسمها، ويشدون من أزرها بعد رحلة طويلة بين ردهات المحاكم وممرات المصحات.
نصف جسد أنهكته الجراح، لكن روحه كانت كاملة الحضور، مملوءة بالإيمان واليقين أن العدل، وإن تأخر، لا يموت.
كانت تتحدث بطمأنينة من جرب الألم وخرج منه أكثر صلابة. رفعت صوتها، لا صخبا، بل ثقة في أن الحق، كالشمس، لا يحجب بغربال. قالت:
"القاضي رئيس الغرفة التجارية بمحكمة تيرس زمور، كان منصفا وعادلا، لم يلتفت إلى رضى المخلوقين، بل إلى ضميره، سائلة الله أن يكثر من أمثاله، فهذه الدولة تحتاج إلى رجال من هذا الطراز."
تحدثت آمنة عن رحلة طويلة بين المحاكم والمستشفيات، عن معاناة لم تلن فيها عزيمتها. عن قاض خرج من مكتبه إلى الصحراء الحارقة، يرافقه الدرك، ليعاين الحقيقة بعينه، لا بأقوال الآخرين، منذ الثامنة صباحا حتى ما بعد العشاء، ليشهد أن الحق معها، وأن المجهر لها.
ثم توقفت لحظة، كأنها تستجمع أنفاسها، وقالت بصوت متهدج لكنه قوي:
"هذا نصف إنسان أمامكم، لكنني كنت هدفا لمجموعة من رجال الأعمال لم يخافوا الله في، ولا في سمعة دولتهم. يستخدمون صلاتهم ونفوذهم لتبرير باطل واضح، لكن ما بني على باطل فهو باطل."
وروت بنت بهيت كيف أن خصومها استغلوا غيابها بعد الحادث الذي كسر عظامها ولم يكسر روحها، واستحوذوا على مجهرها وأدواتها، ثم سعوا لتشريع اغتصابهم بترخيص خال من المعاينة والمشروعية.
قالت بثقة العارفة أن الدولة نفسها لا ترضى بهذا الظلم،
"الرئيس قال إن المكان الذي يشغله شخص لا يجوز أن تمنح بشأنه رخصة، ومع ذلك صدرت رخصة ضدي... فأي عدل هذا؟"
تحدثت عن قضاة خذلوها، ونيابة تجاهلت تنفيذ الأحكام، لكنها ختمت بقول مؤمن راسخ:
"القضاء الجالس أنصفني، والقضاء الواقف ظلمني، وفوضت أمري إلى الله. فالله لا يخذل من صدق."
وفي لحظة امتنان نادرة، وجهت تحية لرئيس الغرفة التجارية في محكمة تيرس زمور، وقالت:
"هو ومن هم على شاكلته شموع تضيء طريق العدالة وسط العتمة."
ثم رفعت بصرها نحو الكاميرات، وكأنها تخاطب رئيس الجمهورية نفسه، قائلة بنبرة متعبة لكنها شامخة:
"يا سيادة الرئيس، أنت رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وأنا مواطنة أطلب عدلا لا أكثر. لقد تعبت، لكني لن أنحني. سأواصل حتى تستعاد الأرض إلى أهلها، ويرفع الظلم عن المظلوم."
وفي ختام كلمتها، توالت مداخلات عدد من الأعيان والوجهاء من حاضنتها الاجتماعية، عبّروا خلالها عن تأثرهم العميق بما مرت به السيدة آمنة بنت بهيت من معاناة طويلة بين المجاهر والمحاكم، مؤكدين أن ما تعرضت له يمثل ظلما بيّنا يستوجب التدخل العاجل لإنصافها.
وطالب المتحدثون رئيس الجمهورية بصفته رئيس المجلس الأعلى للقضاء بأن ينصف هذه السيدة التي وقفت بشجاعة في وجه الظلم، وأصرت على الدفاع عن حقها بالطرق القانونية.
كما شدد الوجهاء على أنهم لن يتخلوا عنها ولن يخذلوها، وأنهم سيبقون سندا وعونا لها في هذه المعركة حتى تستعيد كامل حقوقها، معتبرين أن إنصافها هو انتصار للعدالة والحق قبل أن يكون مكسبا شخصيا.
أنهت بنت بهيت نقطتها الصحفية وهي تمتشق سريرها الطبي شامخة، مكلومة الجسد، لكن ثابتة القلب. وترك صوتها صدى في القلوب يقول إن العدالة، مهما التف حولها أصحاب النفوذ، ستظل تجد طريقها، ذات يوم، إلى من يستحقها.
تحرير : سيد أحمد ولد بوبكر سيره