
بعد غيابٍ دام نحو عامين، عادت خيرية الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "سنيم" إلى الواجهة، ولكن عودة من ينتعل حذاءين مختلفين: أحدهما باسم المبادرة، والآخر يحمل توقيع الارتباك.
الحدث الذي انتظرناه كان وضع حجر أساس ساحة ترفيهية بين "حيط الحيط" وحي M6، وتدشين ملعبين داخليين إنجزا بمبادرة من إدارة الاتصال والعمل الاجتماعي في الشركة، إلا أن الكواليس كشفت أن التنظيم أشبه بحفل مفاجئ حضر له شخص مرتبك في منتصف الليل.
البداية لم تكن موفقة: بلاغ غريب التوقيت نشر في ساعة متأخرة من الليل، كأن الخيرية تحولت إلى مدون مراهق دخل في مشادة على وسائل التواصل، يرد ببلاغ رسمي لتثبيت موقفه. البلاغ أكد أن الساحة بمبادرة وتمويل من الخيرية، وهو ما يبدو ردا سريعا، وربما غضوبا، على طرف يقول إن المبادرة بلدية والتمويل خيري، بينما الطرف الآخر يرى أن كل شيء خيري. وهكذا، غادرت الخيرية هدوء المؤسسات إلى صخب "الترند"، وأعلنت بنفسها هوية المدشّن، في تجاوز للياقة المؤسسية التي تترك التفاصيل للأحداث، لا للبلاغات الليلية.
ولأن البلاغ جاء منفعلا أكثر من كونه مدروسا، سارع القائمون على الخيرية إلى محاولة ترقيعه: حذفوا جملة "بمبادرة من الخيرية"، ثم أعادوا نشر الخبر بعد تعديله ليؤكد أن المبادرة بلدية بتمويل من الخيرية. ثلاث روايات في أقل من 48 ساعة، تجعل من الخيرية مرجعا في فن التردد المؤسسي. وهذا طبيعي حين تتحول الخيرية إلى "شخصية اعتبارية غاضبة" تكتب وهي تسحب أنفاسها من الغضب الرقمي.
أما الحفل نفسه، فقد نصبت الخيم بلا منطق حيث غابت التجربة، وسجاد أحمر امتد كأن رئيس الجمهورية على وشك الوصول أو الوزير الأول. وعلى غير العادة، غاب حجم تمويل المشروع من اللوحة التعريفية، وهو أمر لا يغتفر في تقاليد المشاريع الممولة: هل هو مجرد نسيان؟ أم أن في التعتيم ما يشي بأن الأرقام لا تحتمل الضوء؟ فاللوحة تعرض كل شيء عدا الرقم!
ولأن المفارقات لا تأتي فرادى، اختتم الحدث بلقطة درامية: الوفد الرسمي يصل إلى الملعب الجديد قرب حي M5، فيجده موصدا فالحارس غير موجود والشمس ترسل تحاياها، والضيوف ينتظرون المفتاح... ربما لو قرأ الحارس البلاغ الليلي لعرف أن عليه الحضور.
لقد تقدم البلاغ... وتأخر الحارس.
وفي كل منهما، رسالة عن موقعنا من الفعل المؤسسي: بين من يتسرّع في الإعلان... ومن يتأخر عن الفتح.

