
قد يشير شهر أبريل في أذهان الكثيرين إلى شيء من الخداع أو المزاح الثقيل، حتى التصق به تعبير "كذبة أبريل" الشهير، لكن الأمر يختلف تماما داخل أروقة شركة سنيم. فبالنسبة لعمال الشركة، لا مجال للكذب أو التهويل، بل هو شهر الحقيقة المنتظرة، وموعد الحصاد السنوي الذي تترقبه الأسر العمالية بشغف، في انتظار ما سيصدر عن مجلس إدارة الشركة في اجتماعه المقرر نهاية الشهر.
هذا الترقب المشوب بالأمل، لم يأت من فراغ، وإنما نابع من الامتيازات التحفيزية التي دأبت إدارة الشركة على اقتراحها في مثل هذا التوقيت من كل عام. وهي امتيازات لا تأتي ارتجالا، بل تبنى على منهجية دقيقة يعتمدها المدير العام الحالي السيد محمد فال ولد التلميدي، تقوم على جس نبض العمال واستطلاع تطلعاتهم عبر لقاءات دورية مع مناديبهم، قبل رفع المقترحات إلى مجلس الإدارة للمصادقة عليها. وغالبا ما تحظى هذه المقترحات بالقبول، لما تتسم به من واقعية وملامستها الحقيقية لحاجات العمال.
فمنذ توليه قيادة الشركة، رسخ السيد محمد فال ولد التلميدي صورة المدير القريب من عماله، المتواضع في أسلوبه، الحاضر في تفاصيلهم اليومية، فكانت استجابته لهم أبعد من مجرد تعاط مع المطالب، بل تجسيدا لفهم دقيق لنفسياتهم واحتياجاتهم، مستمد من تجربته الطويلة داخل الشركة وتسلقه لمختلف المناصب فيها. وقد ترجمت تلك الروح نفسها في سلسلة من المكاسب العمالية التي شكلت نقلة نوعية في حياة العمال.
ففي السنة المنصرمة وحدها، مُنح العمال البسطاء ثمانية رواتب إضافية، والطبقة المتوسطة سبعة، والأطر ستة، في سابقة تجاوزت أعلى سقف تحفيزي عرفته الشركة من قبل، بل وتم تخصيص مبلغ 100 ألف أوقية للطبقة العمالية البسيطة والشرائح الدنيا من الطبقة المتوسطة، في محاولة حثيثة لتقليص الفوارق داخل الهرم الوظيفي. كما شهدت السنوات الأخيرة زيادات معتبرة في الأجور، بلغت 10% خلال عامي 2021 و2022، و8% خلال عام 2023، فيما تم في السنة الماضية إعفاء العمال من نصف المبلغ الذي كانوا يسددونه لصالح صندوق التقاعد التكميلي، وهو ما مثل ارتياحا كبيرا في صفوفهم.
ولم يقتصر الأمر على الرواتب والزيادات، فقد تمت مضاعفة منحة رمضان لتصل إلى 100 ألف أوقية، وضمنت الإدارة ديمومة الحصة الغذائية الرمضانية المجانية للعامل بعد أن كانت متذبذبة. أما بالنسبة للحج، فتم رفع عدد المستفيدين من 16 إلى 36 عاملًا، بإدراج نظام قرعة يتيح فرصا عادلة للجميع، ويجعل من هذه الرحلة الروحية الكبرى حلما ممكنا لكل عامل.
ومع الإشادة المستحقة بما تحقق مؤخرا، يبقى من الإنصاف التذكير بأن المدير العام الأسبق محمد عبد الله ولد أوداعه كان قد أرسى خلال فترته أسسا جديدة في التحفيز، من خلال إطلاق نظام "البونيس" الذي يُصرف في ديسمبر، ومنح العمال ثلاث زيادات في الأجور، وبلغت في زمنه الرواتب التحفيزية ذروتها التاريخية عند سبعة رواتب سنويا، كما سجلت فترته تحقيق مكاسب كبيرة على مستوى السكن، أسهمت في تحسين الظروف المعيشية لعدد معتبر من العمال، ما جعل إدارته حينها علامة فارقة في تاريخ الشركة.
هذه التحولات الإيجابية أحيت في أذهان البعض مشاهد من حوار غير معلن دار ضمنيا بين فريقين من مناديب العمال؛ الأول يمثل المناديب السابقين، والثاني الفريق الذي سبقهم في الدورة الأسبق. يرى الفريق السابق أنه حقق في فترة قياسية مكاسب عمالية لم يسبق لها مثيل، وهو ما لا ينكره أحد، فيرد الفريق الأسبق بنبرة لا تخلو من الاعتداد: "ما حققناه كان ثمرة نضال سنوات، أما أنتم فحصلتم على كل شيء على طبق من ذهب." وهو رد فيه تلميح واضح إلى درجة التجاوب الكبيرة التي تبديها الإدارة الحالية مع المطالب العمالية، في تناقض واضح مع صعوبة التفاهم التي كانت سائدة في عهود سابقة، والتي كانت تقتضي غالبًا اللجوء إلى تحريك "الساحة العمالية" كوسيلة ضغط.
اليوم، تغيّرت القاعدة. لم تعد المطالب تنتزع بالضغط أو التصعيد، وإنما تؤخذ بالحوار والتفاهم، في ظل نمط إداري جديد جعل من خدمة العامل وحماية مكتسباته نهجا راسخا. بل إن الشركة ذهبت أبعد من ذلك، حين أنشأت إدارة خاصة بالشؤون الاجتماعية لتولي الشأن الإنساني المرتبط بالعمال.
إن الترقب السائد حاليا في صفوف عمال الشركة لا يخلو من تقدير للتراكمات الإيجابية، ولا يغيب عنه وعي بأن استمرار هذه الديناميكية رهن بقدرة الجميع على الحفاظ على مناخ الثقة والاحترام. وبين حوار الأمس وصدى الانتظار اليوم، تبدو شركة سنيم على أعتاب مرحلة جديدة، يتقاطع فيها الإنتاج والمبيعات القياسية مع شعور حقيقي بالانتماء والرضا لدى أُسرتها العمالية.
ازويرات ميديا