
خيرية سنيم... ذاكرة تنموية على جهاز التنفس
لم نكن نسمع عن خيرية سنيم كما تروى الأساطير، بل كنا نعيش إنجازاتها واقعا ملموسا: مطارات تفتح بوابات السماء، مصانع ترفع من قيمة الإنتاج الوطني، مدارس ومستشفيات تنبض بالحياة، ومشاريع تنموية تصل إلى أقاصي الوطن. كانت الخيرية عنوانا للعطاء، ورمزا للتنمية المندفعة. أما اليوم، فقد تقلص هذا الدور الكبير إلى ظل باهت، بالكاد يُرى. من مؤسسة عملاقة، أصبحت أشبه بجمعية محلية تفاخر بتكوين أربعين شابا من أبناء المتقاعدين على قيادة الآليات المنجمية، دون أن تضمن لهم وظيفة واحدة، وكأنها تقول لهم: "هذا ما لدينا، والباقي على الله... وسوق البطالة". وفي رمضان، حين تنتظر الأسر توزيعات الإفطار في وقتها، عجزت الخيرية حتى عن التنسيق لإيصال تلك التوزيعات البسيطة في وقتها المناسب. أي تراجع هذا؟ أي عجز أصاب ذراعا اجتماعيا كانت له اليد الطولى في مشاريع تنموية حقيقية؟ ثم جاءت لتُظهر نفسها مؤخرا من خلال مسارعة الزمن لتستلم ساحتين رياضيتين متعددتي الخدمات، تتوفر كل واحدة منهما على ملاعب داخلية لكرة القدم وأخرى لكرة الطائرة والسلة، رغم أنهما ليستا من تمويلها أصلا، بل من تمويل إدارة الاتصال والعمل الاجتماعي. لكن يبدو أن المؤسسة باتت تتعلق بأي مشروع، ولو كان لجهة أخرى، علّها تُخفي به فراغ أدائها الحالي. الخيرية التي كانت يوما مرجعا في العمل الاجتماعي والإنمائي، باتت اليوم بلا صوت، بلا برامج، بلا أثر حقيقي. لا مشاريع تنموية واضحة، ولا رؤية اجتماعية تليق بتاريخها. ما تبقى هو بئر ارتوازية هنا، أو نشاط عابر هناك، لا يرقى حتى لمستوى طموح قرية نائية. فهل أصيب الذراع الاجتماعي لشركة سنيم بالشلل؟ أم أن المؤسسة دخلت في سبات تنموي طويل؟ الأكيد أن الناس ما زالوا يتذكرون خيرية كانت تصنع الفرق، لا خيرية تكتفي بملاحقة مشاريع الآخرين لتُحاول إحياء حضورها بها.
ازويرات ميديا