هل تعصف أحداث الشكات بإدارة وكالة معادن موريتانيا؟

أربعاء, 2024/03/27 - 1:06ص

نهجان متباينان :   

لاشك أن المستوى الرفيع للوفد الذي ابتعثته السلطات العليا في البلد، من أجل التحقيق في ملابسات أحداث الشكات، يعكس اهتمام السلطات بالوقوف على حقيقة وحيثيات ما جرى هناك، من أعمال عنف استهدفت شركة أجنبية، تتوفر على ترخيص للتنقيب عن المياه في تلك المنطقة،  اعترض المنقبون على عملها، باعتبار أن المنطقة التي يتم التنقيب فيها تقع ضمن المنطقة المخصصة للتعدين الأهلي، وقرب فوهات مقالعهم. وإنطلاقا من هذه الأهمية، فإن نتائج التحقيق من المحتمل أن تطيح بإدارة وكالة معادن نظرا للدور الذي لعبته في تأجيج الأزمة، وتجاوز واجب التحفظ. ومن أجل تقريب الصورة من المتصفحين، لابد من مقارنة تعامل إدارتي معادن السابقة والحالية مع أزمتين متعلقتين بنفس الشركة الأجنبية.

 

كيف تجاوزت الإدارة السابقة لوكالة معادن موريتانيا أزمة الشكات الأولى الأكثر خطورة بدبلوماسية وكياسة؟

 تفجرت أزمة قوية في مناطق التنقيب بالشكات خلال العام 2022، إثر ترخيص وزارة البترول والطاقة والمعادن لشركة أميرال مينيك EMIRAL MINIG الإماراتية التنقيب عن الذهب في منطقة بالشكات، يقع جزء منها داخل الحيز الجغرافي المخصص للتعدين الأهلي، حسب تصريحات الهيئات القيادية للمنقبين وهو ما أثارا غضب المنقبين. ورغم الخلافات البينة بين مختلف الهيئات القيادية للمنقبين، فإن درجة الإمتعاض والغضب وحدت الهيئات النقابية في بوتقة واحدة، عبر تشكيل لجنة موحدة أطلقوا عليها اسم "لجنة إنقاذ التعدين الأهلي"، أختاروا على رأسها أحد أكثر القيادات قدرة على التعبير، وفهما لكواليس التنقيب. ومثل تشكيل هذه اللجنة بداية لسلسة لا تنتهي من الإحتجاجات والنقاط الصحفية دامت عدة أشهر، حاول من خلالها المنقبون إقناع الرأي العام والسلطات في البلد بمظلوميتهم. ورغم أن الوزارة تجاوزت الإدارة السابقة لوكالة معادن موريتانيا في ترخيصها للشركة دون التشاور معها، ورغم أن المنطقة المرخصة يدخل جزءا منها في الحيز الجغرافي التابع للوكالة وما خلف ذلك من امتعاض لدى إدارة الوكالة، فإن إدارة معادن كظمت غيظها  لواجب التحفظ ولحساسية الموضوع المتعلق بشركة أجنبية تم الترخيص لها في إطار علاقات تجارية تربط بلادنا بدولة شقيقة، فظلت خلال كل الإجتماعات التي عقدتها مع الهيئات النقابية القيادية للمنقبين، طيلة تلك الفترة، تحاول إقناعها عبر أساليب شتى، بأحقية القرار الذي اتخذته السلطات، وضرورة تجاوز الأزمة، ما خفف من قوة الإحتقان الذي انتهى بشكل كلي بعد اجتماع خص به رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني أعضاء من لجنة إنقاذ التعدين الأهلي، إثر تدخل من الرئيس السابق للبرلمان السيد الشيخ ولد بايه.  

 

كيف تعاملت الإدارة الحالية لوكالة معادن مع الأزمة الجديدة؟

     تفاجأ المنقبون في مجهر "لحمر" قبل أيام بظهور حفارة تابعة للشركة الإماراتية، قرب المقلع، ما أثار غضبهم. وخلال استجاوبهم لأفراد الدرك تبين توفر الشركة على رخصة للتنقيب عن المياه في المنطقة، فلم تصدر منهم أي ردة فعل، في البداية، وإنما طلبت قياداتهم وقف العمل في انتظار الإتصال بإدارة معادن، التي أجابتهم فورا، حسب تصريح أحد القيادات النقابية، أنها خطوة مرفوضة بالنسبة لها، ولا تليق نهائيا، وكان من اللازم ألا تنفذ إلا بالتنسيق مع المنقبين ووكالة معادن موريتانيا. كان جاوب إدارة وكالة معادن القشة التي قسمت ظهر البعير وصبت الزيت على النار، فما إن بدأ الحفر، حتى هاجم عشرات المنقبين عمال الشركة وحفارتها، مستخدمين الحجارة والعصي، بحجة أن الحيز الجغرافي تابع للتنقيب الأهلي وأن شركة معادن لم تكن على علم بالترخيص للشركة، موقف عبرت عنه ضمنيا الهيئات القيادية للمنقبين قي نقطة صحفية مستعجلة، استبقت وصول قائد أركان الحرس ومدير وكالة معادن، انتقد فيه بعض المتحدثين ما سموه "السطو على صلاحية وكالة معادن موريتانيا" باعتبارها الشركة المسؤولة عن تسيير الحيز الجغرافي الذي وقعت فيه الأحداث.