ليلة في تيرس (2) / محمد ولد حمدو

اثنين, 2022/11/14 - 12:09م
الكاتب الصحفي محمد ولد حمدو

وفي المقاعد الخلفية تواصلت لبعض الوقت، محاولات التغلب على سأم المكان الضيق، والقلق من تأخر المنقذين، وبرودة الطقس، ثم ما لبث الصمت أن أطبق على السيارة بمن فيها.
داعب النعاس الأجفان فاسترخت وأرخى الليل سدوله على السيارة المتعطلة.
بين مدينة ازويرات وبلدة التواجيل، واصل فريق من الشركة الوطنية للصناعة والمناجم، محاولات البحث عن الفريق المحاصر طيلة ساعات لكن دون جدوى.
كانت كل محاولة عبر تضاريس تيرس المسطحة تماما، تنتهي بالفشل، بعد أن يكون أعضاء الفريق قد انطلقوا في مطاردة طويلة لضوء خافت تراءى من بعيد، وفي كل مرة حين يصلون مصدر الضوء يجدونه علبة كلوريا عتيقة، استلقت بهدوء في فيافي تيرس، مستهزئة بمن حسبها أضواء سيارة تائهة!!
أخيرا قرر فريق البحث الانكفاء نحو أزويرات في انتظار الصباح بعد ما يئسوا من كل المحاولات.
شيئا فشيئا تحركت عجلة الزمن في تلك الليلة الطويلة الباردة، وهاهو الصبح يتسلل على استحياء، وها هو الأفق ينكشف أمام الفريق المحصور داخل سيارة منذ ساعات.
رغم الطقس القارس، تحرك من بداخل السيارة كأنهم يريدون التأكد من أن أرجلهم ما زالت تستطيع حملهم خارج العربة.
ارتفعت الشمس تدريجيا، فيما بدأت الأطراف في التمدد، وتحركت الأيدي بما تبقى من حيوية لإعداد شاي الصباح.
لم تمر ساعة حتى وصل أعضاء فريق الإنقاذ الذي بات ليلته يطارد خيط ضوء يتبخر كلما اتقربوا منه.
وبعد شاي أترعت كاساته، تحت شمس دافئة، احتفاء بلحظة اللقاء، تهادت السيارتان عبر سباسب تيرس صوب اتواجيل التي لم تكن منا ببعيد.
لو كنا في زمن آخر لما عشنا هذه التجربة، لكنها كانت أياما سبقت عهد الهواتف النقالة والأجهزة الذكية..
محمد ولد حمدو