4 عمال مناجم يعتمدون طريقة للتبادل التجاري بين عمال سنيم

مع بداية النصف الثاني من سنة 2014 بدأت أسعار الحديد تتهاوى دون سابق إنذار، فودع عمال الشركة الوطنية للصناعة والمناجم سنيم حالة من الرخاء عاشوها خلال السنوات الثلاث التي سبقتها بفعل الأرباح التي حققتها الشركة في تلك الفترة، واستفاد منها العمال على شكل رواتب إضافية سنوية، وصلت ذروتها عند حصولهم خلال سنة واحدة على ما يعادل 23 راتبا بعد استفادتهم من 11 راتبا إضافيا. ونظرا لعنصر المفاجأة في تدهور أسعار الحديد وعدم قدرة الشركة آنذاك على الوفاء بالتزامها المتعلق بتطبيق اتفاق يقضي برفع رواتب العمال بشكل معتبر بحجة عدم قدرتها على تحمل أعباء إضافية دائمة دخل معظم عمال الشركة الموريتانية إضرابا دام أكثر من شهرين انتهى بتوصل الطرفين لاتفاق بعد مفاوضات عسيرة قادها عمدة بلدية ازويرات الشيخ ولد بايه ولم تعرف أسعار الحديد منذ ذلك الوقت استقرارا فلجأت إدارات الشركة المتعاقبة إلى تطبيق خطة ترشيدية تهدف إلى ترشيد النفقات ومضاعفة الانتاج لمحاولة تعويض النقص المسجل على مستوى الأسعار وهي الخطة التي بموجبها الغيت الساعات الإضافية التي كان العمال يستفيدون منها كثيرا إلا ما كان منها لضرورة كبيرة كما طالت بعض العلاوات الأخرى هذا إضافة إلى انتقال الشركة إلى نظام محاسبي جديد يعرف ب "ساب" محل نظامها المحاسبي القديم وهو النظام الذي يحمله معظم العمال المسؤولية عن تدهور رواتبهم فيما يراه المسؤولون في الشركة نظاما من أحدث النظم المحاسبية المعتمدة في الشركات العالمية. وواكب هذه الظرفية ولوج معظم العمال إلى وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير مسبوق ما ساهم في كشف كل ما يجري داخل الشركة التي ظلت إلى عهد قريب مغلقة على نفسها وعصية على الاختراق. فظهرت صفحات عمالية على موقع الفيس بوك تهتم بشؤون العمال كما تشكل أرضية خصبة للحوار الدائم بينهم، فيها يتم الاطلاع على الأحداث اليومية ذات الصلة. ولم يكتف العمال، الذين بدأوا يقبلون بشكل غير مسبوق على الإبحار في عالم الانترنت حد درجة الإدمان، بموقع افيسبوك وإنما ظهرت مجموعات عمالية أخرى على "الوات ساب" يتبادل فيها العمال المستجدات الخاصة بالشركة وما يدور من أحداث تتعلق بعملهم اليومي. ومن رحم هذا التفاعل العمالي في العالم الافتراضي ولدت مجموعة أخرى متخصصة في مجال التبادل التجاري بمبادرة من 4 عمال شكلت ملتقى يوميا يعرض فيه عمال الشركة في ازويرات مقتنياتهم المنزلية والسيارات المعروضة للبيع والقطع الأرضية فيتلقفها زملاؤهم في حراك لا يعرف السكينة، يأخذ أحيانا شكل مزاد علني تكون فيه الغلبة لمن يدفع أكثر. وساهمت هذه المجموعة التي شهدت تفاعلا منقطع النظير في التغلب على بعض مشاكل العمال من خلال منحهم فرصة للتبادل التجاري كما ساهمت أيضا في التخفيف من همومهم ما جعل بعض العمال لنجاحها وقوة التفاعل فيها وسرعته يتهم أصحابها بمحاولة لفت اهتمام العمال عن مشاكلهم الحقيقة وهي التهمة التي يفندها بشدة أصحاب المجموعة مؤكدين أنها على العكس من ذلك ساهمت في تحسبن ظروفهم. ازويرات ميديا واهتماما منها بمختلف المواضيع ذات الصلة بالمدينة وبالنشاط المنجمي حاورت رابع ثلاثة عمال انشأوا المجموعة التي أخذت اسم "البورصه" وهو احمد ولد الدحه ولد ويسات المولود في سنة 1982 في مدينة روصو وعمل بشكل غير مباشر في الشركة ابتداء من 2007 قبل أن يتم ترسيمه سنة 2010 كسائق شاحنة منجمية قبل أن يصبح لاحقا سائق جرافة وحاورته حول مختلف الجوانب المتعلقة بالمجموعة فأوضح أن مجموعة البرصة فكرة راودته مع مجموعة من 3 عمال فوضعوا شروطا للإشتراك فيها تتمثل في أن يكون العامل في شركة سنيم وأن يتقدم لهم برقمه الاستدلالي ورقم مصلحته وموقع عمله وقال إن هدفهم من إنشاء هذه المجموعة هو أن يخلقوا تكاملا بين العمال بحيث يوفرون لبعضهم فرصة بيع ما يريد من مقتنيات وأملاك لزملائهم دون غيرهم من سكان المدينة الآخرين كما يمنحون البعض الآخر فرصة لشراء ما يحتاجونه من أدوات وممتلكات دون عناء. وأوضح أنه وزملاؤه انشأوا في المرة الأولى مجموعة البورصه فلاقت نجاحا كبيرا حيث وصل عدد المنخرطين فيها خلال ظرف قياسي 256 عاملا ما اضطره وزملاؤه، وعلى وقع تزايد طلبات العمال، بفتح مجموعة أخرى أطلق عليها اسم البورصة 2 ثم تواصل الضغط فتم فتح ثالثة ولعب العمال الأربعة دور التنسيق بين هذه المجموعات بحيث يحولون المعروضات في كل مجموعة إلى المجموعات الأخرى من أجل إطلاع زملائهم عليها مؤكدا أن مبادرتهم حلت كثيرا من مشاكل العمال. وأضاف احمد ولد ويسات في هذا الصدد أن العامل الذي كان يبذل الكثير من الجهود والوقت من أجل البحث عن منزل يستأجره مثلا أو غرفة، أصبح بفضل مجموعات البرصة العمالية لا يحتاج إلا إلى رسالة نصية يبعث بها لأعضاء المجموعة فيجد مبتغاه بيسر كما أن من أراد أن يؤجر منزلا أوغرفة ما عليه إلا أن يبعث صورتهما على المجموعة ليجد من يستأجرهما. وحول الطريقة التي يتم بها بيع التجهيزات المنزلية أو المقتنيات والمنازل قال ولد ويسات إن المعني ينشر صورة التجهيزات التي يعتزم بيعها مع أسعارها ورقمه الهاتفي فيبدأ مزاد علني بين العمال المهتمين يستقر عند صاحب السعر الأكبر. وقال العامل المنجمي إن عدد المشتركين في مجموعات البورصة وصل 700 وأنه بعد اكتمال المجموعة الرابعة والخامسة يعتزم مع زملائه الكشف عن تفاصيل استراتيجية جديدة في الوقت المناسب لكنه لم يفصح عنها. وأوضح أن مبادرتهم شجعت بعض العمال الذين لم تكن لهم دراية سابقة بالانترنت إلى الاشتراك في مجموعات البورصه بل ووصلت الدرجة طلب بعض مسؤولي الشركة، رفض الكشف عن هويتهم، الاشتراك في هذه المجموعات واستجيب لطلبهم، ذلك أن إدارة هذه المجموعات لاتشترط على الراغبين في الاشتراك فيها سوى النأي بها عن السياسة فهي تجمع الجميع من مختلف الاتجاهات كاشفا النقابة عن أن هذه المجموعات حسنت من وضعية العمال ورفعت من حركة السيولة لديهم بفعل تمكينهم من بيع مقتنياتهم بسهولة كبيرة دون مشقة معتبرا مجموعات "البورصة" من أنشط المجموعات إذ يصل عدد الرسائل المتعلقة بالمجموعة خلال اليوم الواحد أكثر من 1000 رسالة. وفي معرض رده على سؤال حول اتهام بعض العمال للمجموعة بالإضرار بقضايا العمال الرئيسية من خلال إشغالهم بهذه المجموعات قال ولد ويسات إن عاملا شغلته هذه المجموعة عن همومه فلم تكن لديه قضية أصلا معتبرا أن المجموعة هي مجموعة اقتصادية مهمة وبرهنت على أنها في صالح العامل مع تشديده على أن هناك مجموعات أخرى على الوات ساب لها أهميتها هي أيضا حيث تعالج بمسؤولية كل القضايا المتعلقة بالعامل مشددا إلى أن مجموعاته "البورصه" مكنت من تحقيق مبيعات بالملايين من خلال بيع منازل وقطع أرضية وتجهيزات ومفروشات وبطانيات وسيارات و تزداد وتيرة البيع فيها وتنخفض كلما زادت العروض أو تراجعت. وقال إنه منذ إطلاق رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز الحرية في مجال الاعلام والاتصال تعددت المجموعات والوسائط فاختار مع زملائه الثلاثة المجموعة الأكثر إفادة للعمال. وفي رده على سؤال حول مدى تأثير هذه المجموعات على عمل العامل قال إن الأخير ليس ساذجا وأنه يعرف مصلحته المرتبطة به بشكل مباشر والضامن الأساسي لراتبه. فبقدر ما حافظ على هذا الراتب فإنه سيستطيع التفاعل في هذه المجموعات مؤكدا ضرورة المحافظة على اهتمام العامل بعمله باعتباره هو سر بقائه. أعضاء إدارة مجموعات "البورصه"