حوادث وحرائق شركة سنيم وعلاقتها بالأسلوب "اترامبي"

ثلاثاء, 2017/07/18 - 3:40ص

رغم حسن النية في توحيد إدارات الشركة الوطنية للصناعة والمناجم سنيم في مدينة ازويرات في إدارة مركزية واحدة (إدارة مقر الاستغلال) فإن هذا القرار لم يكن صائبا لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون.

على مستوى الشكل

فمن حيث الشكل، فإن التوجه العام كان من المفترض في عصر مثل عصرنا، أن يكون أكثر ميلا للامركزية، بدل مركزية الإدارات، لأن جميع أساليب الاستراتيجيات الإدارية الدولية أصبحت منذ فترة تتجه نحو اللامركزية في نشاطاتها وهياكلها الإدارية . فالمنطق يقول إنه كلما وزعنا أي إدارة إلى عدة إدارات، كلما تمكنت الإدارات الجديدة من التغلب على مشاكلها بنفسها، لشعور أصحابها باستقلاليتهم، وحجم مسؤولياتهم، وعلى عكس ذلك  فإن جمع أي إدارات في إدارة واحدة ً(وهي الحالة التي نعيشها اليوم في مدينة ازويرات) يولد إدارة متخمة، لا يمكن أن تفي بالتزاماتها نتيجة لحجم عملها من جهة والارتخاء الذي سيصيب الإدارات المتفرعة عنها، باعتبار أن الإدارة المسؤولة عن العمل هي الإدارة المركزية.

فشركة سنيم في مدينة ازويرات، ورغم أن عمالها إبان إنشاء مصنع كلب الغين رقم 1، لم يكن عددهم يتجاوز بضع مئات، ظلت دوما تمثل بإدارتين في ازويرات، الأولى وهي الأكبر تسمى إدارة مقر الاستغلال، وهي التي تمثل الشركة بشكل رسمي، والثانية هي إدارة مشروع مصنع كلب الغين التي أصبحت لاحقا إدارة مصنع كلب الغين ثم إدارة مصنعي كلب الغين. وعلى الرغم من أن إدارة مقر الاستغلال في تلك الفترات شغلها مهندسون أكفاء لهم خبرة كبيرة في مجال الاستخراج المنجمي - مثل محمد السالك ولد هيين وعبد الله ولد عبد الفتاح وزيدان ولد احميده والخليفه ولد بياه ومحمد فال ولد اتليميدي ومحمد عبد الله ولد اخطيره - ظلت إدارة مصنع كلب الغين تعمل باستقلالية، وبالتوازي مع إدارتهم. فكانت كل واحدة من الإدارتين تكمل الأخرى على مستوى الانتاج، بل كان التنافس أحيانا بين الإدارتين على مستوى الأداء يخدم الصالح العام للشركة ويعزز من حظوظها في مجال الانتاج.

أما الآن فقد غيبت مركزة الإدارة هذا التنافس، وحلت محله الاتكالية بين إدارة مركزية تستحوذ على كل شيء، وإدارات فرعية تجد نفسها غير معنية بأي ربح يمكن تحقيقه، أو أي خسارة محتملة، فالمسؤولية لا تتجزأ، وتحقيق الأهداف المرسومة يسجل بطبيعة الحال للإدارة المركزية، والخسائر تؤخذ عليها، والإدارات التابعة لها مجرد أداة لتطبيق تعليماتها غير المحتاطة بكل شيء في أغلب الأحيان.

وتزداد الصورة قتامة، ويزداد الأمر تعقيدا، إذا كانت الإدارة المركزية ليست على تفاهم مع إداراتها الفرعية، كما هو الحال في ازويرات، فسيكون تراجع الإنتاج وتسجيل حوادث واشتعال حرائق هنا وهناك ليس إلا نتاجا للقبضة الانفرادية للإدارة المهيمنة.

 

على مستوى المضمون

فعلى مستوى المضمون فإن اختيار شخصية كمدير مقر الاستغلال الحالي لم يكن اختيارا موفقا. فرغم أنه مهندس مقتدر خريج من خيرة مدارس المهندسين، وله تجربة في مجال الميكانيكا، وخاصة على مستوى مصنع كلب الغين، الذي خدم فيه لسنوات. لكنه ليس بالقدر ذاته من الكفاءة، على المستوى الإداري، وفي مجال تسيير الأشخاص، وعلى مستوى العلاقات العامة، ما ولد استياء كبيرا في صفوف مرؤوسيه، ووتر العلاقة بينه وبين معظم أُطر الشركة، الذين يتهمونه بانتهاج أسلوب "اترامبية"نسبة لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية في تعامله معهم. 

فيقول بعضهم إنهم كلما أرادوا توصيل فكرة ما، في الاجتماعات الرسمية المتعلقة بالعمل، قاطعهم، وكلما فسحوا له المجال للحديث، صمت، وكلما عادوا الكرة من جديد، عاد لنفس الأسلوب، دون أن يتمخض الاجتماع عن أي نتيجة إيجابية، بل أصبح الأطر يفضلون الصمت في مثل تلك الاجتماعات، لتجنب الاستهداف اللفظي.

فكيف يمكن للشركة إذن، أن تبلغ أهدافها المرسومة، على مستوى الانتاج، في جو مثل هذا الجو المشحون؟

 وكيف يمكنها التغلب على الاختلالات، والمشاكل المطروحة، وتفادي الحرائق والحوادث، إذا كانت فعلا تقاد بالأسلوب اترانبي المتسم بالتهور؟

وكيف يمكن لها أن تعيد تلك "الجمجمة" الغامضة، التي ظهرت فجأة، من حيث أتت، لتفادي مزيد من الحوادث والحرائق في المستقبل؟ 

ازويرات ميديا